الفطريات أثناء الحمل: الأسباب والعلاج

الفطريات أثناء الحمل: المخاطر والعلاج والتدابير الوقائية

يعد الحمل مرحلة حساسة في حياة المرأة، حيث تمر جسمها بعدد من التغيرات الهرمونية والفيزيولوجية التي تؤثر على صحة الأم والجنين. من بين هذه التغيرات، قد تتعرض المرأة الحامل لمجموعة من المشكلات الصحية التي يمكن أن تشمل العدوى الفطرية. الفطريات هي كائنات دقيقة قد تكون موجودة بشكل طبيعي في الجسم، ولكن في بعض الحالات قد تنمو بشكل مفرط مسببة عدوى تؤثر على صحة المرأة الحامل. سنناقش في هذا المقال الفطريات أثناء الحمل، تأثيراتها، الأسباب المؤدية لظهورها، كيفية الوقاية منها، وأفضل طرق العلاج المتاحة.

1. أنواع الفطريات التي تؤثر على الحمل

الفطريات التي يمكن أن تصيب المرأة الحامل تشمل العديد من الأنواع، لكن الأكثر شيوعًا هي فطريات المبيضات، التي تنتمي إلى فصيلة المبيضات البيضاء، وكذلك فطريات القدم الرياضي وفطريات السعفة، التي قد تصيب الجلد. في هذا السياق، سيكون التركيز الرئيسي على عدوى المبيضات، حيث تعد من أكثر الفطريات التي تصيب النساء الحوامل.

1.1 عدوى المبيضات (كانديدا)

تعتبر كانديدا أكثر الفطريات شيوعًا التي تصيب النساء، وتسبب التهابات في مناطق مختلفة من الجسم، بما في ذلك المهبل، والفم، والأمعاء. خلال فترة الحمل، يزداد احتمال الإصابة بعدوى المبيضات بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث، خاصة ارتفاع مستويات هرمون البروجستيرون الذي يؤدي إلى تغيير في البيئة المهبلية، مما يعزز نمو هذه الفطريات.

1.2 عدوى القدم الرياضي (سعفة القدم)

تعد سعفة القدم أحد أنواع العدوى الفطرية التي تصيب الجلد بين الأصابع، خاصة في المناطق الرطبة والدافئة مثل أحذية المرأة الحامل. قد تسبب هذه العدوى احمرارًا، حكة، وتقشير الجلد.

1.3 سعفة الجلد (السعفة التناسلية)

تسبب فطريات السعفة تهيجًا في الجلد ويمكن أن تظهر على شكل بقع حمراء مستديرة أو بيضاوية. تكون هذه العدوى أكثر شيوعًا في المناطق الرطبة والدافئة من الجسم مثل المناطق الحساسة، ما يجعل النساء الحوامل أكثر عرضة لها.

2. أسباب إصابة المرأة الحامل بالفطريات

تؤدي عدة عوامل إلى زيادة خطر الإصابة بعدوى الفطريات خلال الحمل، وأبرز هذه العوامل:

2.1 التغيرات الهرمونية

يزداد مستوى هرمونات الحمل، مثل البروجستيرون والإستروجين، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. هذه التغيرات الهرمونية تساهم في زيادة رطوبة المهبل، مما يوفر بيئة مثالية لنمو الفطريات مثل المبيضات. كما أن زيادة مستوى السكر في الدم أثناء الحمل قد يؤدي إلى زيادة نمو الفطريات في المناطق التي تحتوي على مستويات عالية من السكريات.

2.2 ضعف الجهاز المناعي

تؤدي التغيرات الهرمونية أيضًا إلى تغيير في وظائف الجهاز المناعي، مما قد يؤدي إلى تقليل قدرة الجسم على محاربة العدوى الفطرية. ضعف الجهاز المناعي يجعل الجسم أقل قدرة على التعامل مع الميكروبات والفطريات، مما يزيد من خطر الإصابة بعدوى.

2.3 التغيرات في البيئة المهبلية

يمكن أن يؤثر الحمل في درجة الحموضة في المهبل، مما يخلق بيئة ملائمة لنمو الفطريات. التغيرات في درجة الحموضة قد تزيد من احتمالية الإصابة بعدوى المبيضات، وهي من بين أكثر أنواع العدوى شيوعًا أثناء الحمل.

2.4 استخدام الأدوية

تعاني بعض النساء الحوامل من الحاجة إلى تناول أدوية معينة مثل المضادات الحيوية لعلاج العدوى البكتيرية. تؤدي هذه الأدوية إلى تدمير البكتيريا المفيدة التي تساهم في الحفاظ على التوازن البكتيري في الجسم، مما يؤدي إلى نمو مفرط للفطريات مثل كانديدا.

3. أعراض العدوى الفطرية أثناء الحمل

تتفاوت أعراض العدوى الفطرية وفقًا لنوع الفطر والموقع الذي تصيبه. تشمل الأعراض الشائعة المرتبطة بالفطريات خلال الحمل:

3.1 الأعراض المهبلية

• حكة شديدة في المهبل أو منطقة الأعضاء التناسلية.

• إفرازات مهبلية بيضاء سميكة تشبه الجبن القريش.

• شعور بالحرقة أثناء التبول أو أثناء الجماع.

• احمرار وتورم في الأنسجة المهبلية.

3.2 الأعراض الجلدية

• احمرار وتقشير الجلد، خاصة في المناطق الرطبة من الجسم مثل بين الأصابع أو في منطقة الفخذ.

• حكة شديدة في المناطق المتأثرة.

3.3 الأعراض الأخرى

• في بعض الحالات، قد تحدث العدوى الفطرية في الفم، مما يسبب تقرحات بيضاء مؤلمة على اللسان أو داخل الخدين.

4. المخاطر المرتبطة بعدوى الفطريات أثناء الحمل

على الرغم من أن معظم العدوى الفطرية خلال الحمل تكون غير ضارة للأم والجنين إذا تم علاجها بشكل مناسب، إلا أن هناك بعض المخاطر المحتملة إذا تم تجاهل العلاج أو ترك العدوى دون مراقبة:

4.1 انتقال العدوى إلى الجنين

إذا كانت العدوى شديدة أو متكررة، يمكن أن تنتقل الفطريات إلى الجنين خلال الولادة المهبلية. في بعض الحالات النادرة، قد تتسبب في الإصابة بعدوى فطرية في جلد الطفل أو في فمه، ما يعرف بـ “القلاع الفموي”.

4.2 المضاعفات أثناء الولادة

في بعض الحالات الشديدة التي لم يتم علاجها بشكل مناسب، قد تسبب العدوى الفطرية مضاعفات في الولادة، مثل التأثير على صحة الأنسجة التناسلية أو زيادة خطر الإصابة بالعدوى بعد الولادة.

4.3 زيادة خطر الإجهاض أو الولادة المبكرة

على الرغم من أن هذه المخاطر نادرة، تشير بعض الدراسات إلى أن العدوى الفطرية المتكررة قد ترتبط بزيادة خطر الإجهاض أو الولادة المبكرة إذا لم يتم علاجها بشكل فعال.

5. كيفية الوقاية من الفطريات أثناء الحمل

من أجل تجنب الإصابة بالفطريات أثناء الحمل، يمكن اتباع عدة تدابير وقائية:

5.1 الحفاظ على النظافة الشخصية

من الضروري أن تحافظ المرأة الحامل على نظافتها الشخصية بشكل جيد، خاصة في المناطق الحساسة. يجب تجنب ارتداء الملابس الداخلية الضيقة أو المصنوعة من مواد غير قطنية لأنها قد تزيد من الرطوبة والحرارة، مما يعزز نمو الفطريات.

5.2 التحكم في مستوى السكر في الدم

تعد إدارة مستويات السكر في الدم أمرًا مهمًا، خاصة بالنسبة للنساء الحوامل المصابات بسكري الحمل. زيادة مستوى السكر في الدم يمكن أن يساهم في نمو الفطريات، لذا من المهم مراقبة النظام الغذائي بعناية.

5.3 تجنب استخدام المنتجات الكيميائية القاسية

يجب على النساء الحوامل تجنب استخدام المنتجات الكيميائية مثل الصابون القاسي أو الدش المهبلي، التي يمكن أن تزعزع توازن البكتيريا المفيدة في المهبل وتساهم في نمو الفطريات.

5.4 تعديل النظام الغذائي

يمكن أن يساعد النظام الغذائي الغني بالأطعمة المضادة للفطريات مثل الزبادي الطبيعي في تقليل خطر الإصابة بالعدوى. يمكن أيضًا إضافة الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن لدعم الجهاز المناعي.

6. علاج الفطريات أثناء الحمل

عند تشخيص العدوى الفطرية، يجب أن يبدأ العلاج بسرعة لتجنب المضاعفات. إليك بعض طرق العلاج:

6.1 العلاج الموضعى

تُعتبر الأدوية الموضعية مثل الكريمات أو التحاميل المهبلية من العلاجات الفعالة لعلاج عدوى المبيضات. تحتوي هذه الأدوية على مضادات الفطريات مثل الكلوتريمازول أو الميكونازول، التي تعمل بشكل مباشر على القضاء على الفطريات في المنطقة المصابة.

6.2 الأدوية الفموية

في الحالات الأكثر شدة أو العدوى المتكررة، قد يصف الطبيب أدوية فموية مثل فلوكونازول. ومع ذلك، يجب استخدام هذه الأدوية بحذر، حيث يجب أن يتم تناولها تحت إشراف طبيب مختص لتقليل أي تأثيرات سلبية على الأم أو الجنين.

6.3 العلاجات البديلة

في بعض الحالات، قد ينصح الطبيب باستخدام العلاجات البديلة مثل زيت جوز الهند أو خل التفاح كمضاد طبيعي للفطريات، ولكن يجب استشارة الطبيب قبل استخدامها لتحديد ما إذا كانت آمنة أثناء الحمل.

7. خاتمة

الفطريات هي من المشكلات الصحية التي قد تواجهها المرأة أثناء الحمل، ورغم أنها قد تكون غير ضارة في الكثير من الحالات، إلا أنه من المهم التعامل معها بعناية لتجنب المضاعفات التي قد تؤثر على صحة الأم والجنين. باتباع التدابير الوقائية واتباع العلاجات المناسبة تحت إشراف الطبيب، يمكن تجنب تأثيرات هذه العدوى الفطرية، وضمان حمل صحي وآمن.